دنيـا
الغلاف بوابة الكتاب، والعنوان خطوة أولى نحو القراءة .. وغلاف "دنيا" المكوّن من أربع
نساء، لا شيء آخر غيرهن، لا تفاصيل مُضافة ولا خلفية سوى ما يشبه الحائط.
أربع
نساء، للوهلة الأولى يظهرن كأنهن متشابهات، ملامح متقاربة وملابس موحدة الشكل
واللون .. لكن حين ندقق النظر، لا واحدة تشبه الأخرى. كل امرأة تنظر في اتجاه
مختلف، ليكوّن أربع جهات متباينة ربما هي جهات الكون الأربعة .. كل نظرة منهن تعكس
انفعالا فريدا وتمنح المتلقي شعورا بلغة جسد تنوّه عن حكاية خاصة، وضع اليدين تحت
الزي، استقامة الجسم، انحناءة أو ارتفاع الرأس، انكماش الجسم أو مواجهته للمُشاهد،
لفّ غطاء الرأس أو انسداله على الكتفين، الوقوف أو المشي ما بين السكون والحركة ..
كلها علامات توشي بالقاريء قبل أن يطأ الرواية. تغويه بحكايات عن امرأة واحدة ربما
بعدة وجوه أو نساء كثيرات يختبئن وراء وصف "امرأة" .. أو
"دنيا". وهل الدنيا إلا امرأة؟! تلك المانحة للوجود، القابضة على
تفاصيله.
"دنيا" هي رابع رواية لـ "فاطمة الناهض" بعد "خط الاستواء"، و"ن . ك"، و"القفلة"، إضافة إلى ثلاث مجموعات قصصية وكتابين للنصوص.
تبدأ
الرواية من مأساة، وتبقى تظلل حياة جيل آخر، بل وتحكم عليه، وتقيده بالمخاوف. ورغم
كل وجوه القسوة إلا أن شبابيك من الفرح تظل ممكنة في المسافة بين الآباء والأحفاد.
وغالبا ما
تكتب فاطمة الناهض من عالم خير يوشك على الضياع أيضا. وقد تهددنا بغيابه، لنحافظ
عليه، أو لنعلن انتمائنا لمجتمع إنساني نبيل يمكن تحقيقه .. والمتأمل في أعمالها
المختلفة، يمكن أن يدرك أنها لا تكتب من دون تخطيط مسبق، لتجعل من تداعي الحدث
"مؤامرة" أعدت بإتقان. ولن تفلت القارئ من "حبائلها" قبل أن
تبلغ به مشارف النهاية، التي كثيرا ما تكون نهاية مفتوحة، لا تستبعد مشاركة المُتلقي
في صنعها.
تعليقات
إرسال تعليق