العادة السرية .. تسوُّل اللذة

الجنس ليس حوارا من طرف واحد، بل هو وسيلة للتواصل والتناغم مع الآخر، والاتحاد بالشريك، فالنزعة الجنسية تدفع الرجل والمرأة أحدهما نحو الآخر بهدف أن ينصهرا من خلال تداخل الأجساد، في لقاء حميمي، وبلوغ نشوة أكبر من مجرد إزالة توتر عضوي.

لكن أحيانا يحدث ما نسميه "إخفاقات الجنس" نتيجة لأسباب كثيرة ومعقدة، منها: اضطراب العلاقة بين الفرد وشريكه، أو افتقاد الشخص لعلاقة جنسية أصلًا .. ومن صور هذا الإخفاق: العادة السرية Masturbation

هل حقاً من يمارس تلك العادة يحقق اللذة والمتعة؟

الإجابة غالبا بالنفي، لأن ممارسة العادة السرية ينطوي فاعلها على نفسه مستغنيا عن الشريك الآخر ككائن حقيقي، ربما يكتفي بصورته فقط من خلال الخيال الذي يساهم في اشتعال الإثارة، لكن هذا الخيال يختلف كلية عن الخيال في العلاقة السوية التي تعتمد على وجود الآخر بشكل حقيقي، ويكون قادرا على إثارة رغبات جديدة حتى بعد علاقة جنسية ناجحة، لأن الرغبة في التواصل ومعايشة الحب من خلال الجنس موجودة بقوة.


الاستمناء يحقق لذة انعزالية Satisfaction Solitaire .. ويعبر عن سلوك جنسي غير ناضج، لذا فهو غالبا يترك وراءه شعوراً بالانقباض، والفقد، والإحساس بالذنب، والكآبة، ويجعل الإنسان أسير الفراغ الذي يحاول دائما أن ينجو منه، وكأنه طريق مسدود، وليس جسرا للمتعة الحقيقية .. خصوصا لدى الأشخاص الرومانسيين. لكن في الواقع، التواصل مع الاستمناء كلذة والإحساس الذي يتبعها، يختلف من المرأة للرجل وحسب التكوين النفسي والعاطفي للشخص أيضا. 

يقول شاعر الهند العظيم طاغور:

أحاول أن أمسك الجمال .. لكنه يفلت مني.

تاركاً جسدا فقط بين يدي .. فأتراجع خائباً، تعباً.  

العادة السرية تجعل الإنسان مسجونا داخل ذاته، بعيدا عن الآخر الذي يحقق له الوجود الحقيقي واللذة الدائمة. فيصبح كائنا منفردا يتسول اللذة من خيال عقيم، أو صور صماء، أو أفلام صنعت فقط لكل من يعاني افتقادا لآخر حي، وجسد دافئ بالحب، أو يفشل في التواصل الإنساني الحميم.

وإلا لماذا نطلق على العملية الجنسية "جماع" أو "وصال"؟ لأنها تجمع الإنسان بشريكه، وتتيح له الاتصال به على المستويين العاطفي والجسدي، فهذا الإنسان الذي يشكو من العزلة والبعد، يسعى لإزالتهما بالاتحاد الكامل مع كائن آخر يكمل نقصه، كائن على صورته الإنسانية لكي يتاح له الاندماج معه، ومختلف عنه (من الجنس الآخر) كي يكتمل به. 

معظم الإحصاءات والمعلومات العلمية من دراسات أجنبية أجراها علماء مثل  "كينزي، وكتون، وهنت، ودى مارتينو، وميللر وليف، وكابلان" الذين اهتموا برصد الظاهرة والتعامل معها كواقع معيش، وخلصت أهم النتائج إلى أن من 80 : 90% تقريبا من الرجال مارسوا العادة السرية مرة واحدة على الأقل، بينما تقل النسبة بين النساء لتصل إلى 60 : 70% تقريبا. وأن 35% من الأطفال مارسوها في سن من 7: 9 سنوات بطريقة مقصودة، وهناك دراسات أخرى تقول أن النسبة أكبر من ذلك.

رغم الجدل الدائم حول أضرارها وفوائدها، إلا أن العادة السرية تعتبر إدمانا، بل وتشكل خطورة على المستويين النفسي والعاطفي إذا أصبحت وحدها مصدرا للمتعة الجنسية.
والتعامل معها كواقع راهن ومُلح أحيانًا (كما في حالات السفر مدة طويلة، أو تأخر الزواج، أو افتقاد العلاقة مع شريك لأي سبب) يحتاج إلى نضج عاطفي وجنسي وفكري يتيح لصاحبه التوقف عنها وقتما شاء، بممارسة الرياضة أو إقامة علاقة مشبعة جنسيا وعاطفيا، أو تنمية الجانب الروحي في شخصيته، أو التقليل من التعرض للمثيرات الجنسية، أو غيرها من الحلول التي لا تجعل من الإنسان أسيرا لها كعلاقة مضطربة مع الذات والآخر.   




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أطفال الجنة .. حذاء صغير وقلوب كبيرة

أربع نساء يبحثن عن الحب

11 طريقة تعرف بها أن شريك حياتك يحبك