درويش الجبل


درويش الجبل، قصائد، شعر، خالد الجبور، دار غوايات، فلسطين، شاعر فلسطيني، رضوى فرغلي
عن الطبيعة والوطن والحب .. عن سيرة الأشياء والشخوص، يكتب الشاعر الفلسطيني خالد الجبور في ديوانه الجديد الذي صدر بعنوان "درويش الجبل"، عن دار غوايات في بيروت.


يحكي الجبور بأسلوب يشبه "حكاوي الليل" لعاشق امتزجت روحه بطين الأرض وشجرها وجبالها، وحفر الزيتون ابتسامته على كفيّه .. كشاعر فلاح متورط في الحياة وليس كشاعر يحلم في برجه العالي أو ينعي أمنياته الضائعة، يأخذنا الجبور إلى "كهوف كنعانية" لنختلس معه "شعاع الشمس" .. لنفرح بمشهد "قطرة الندى على رأس عشبة" أو "الزهرة التي سيذبلها الليل" ونحتفي بـ "النجمة المتسللة من ذاكرة الزمان" و"الفراشة المتسللة من قفزة العصفور" ونرتكن معه إلى "حائط أخير للطيبين" ونعرف "حكاية "حجر الريح".
في ١٢٥ صفحة تضم ٣٦ قصيدة، يمارس الجبور "ساديته الشعرية" - إن جاز لي التعبير – فلا يستطيع القارئ أن يفلت من تلك العذابات، ومشاعر الحب، والحنين، والمتعة، والوجع أحيانًا .. وحين تنتهي القصائد، لا تنتهي الرغبة في العودة لبدء التورط فيها من جديد.

أترككم مع بعض من قصائده:

كهوف كنعانية
أنا والعصافيرُ وثلاثةُ أزواجِ حمامٍ في الفضاء 
أنا والثعالبُ والقطط البريّة وعشيرةٌ صغيرةٌ من السّحالي
أنا وشجرُ السّمّاق والبُطْم والزعرور والبلّوط
أنا وحدي أهبط الدّرج الطبيعي في جبل الكنعانيين
أمرُّ على كهوفهم كهفاً كهفا 
لا أردّ السّلام حين أباغتهم بدخولي
لكنّني أقرأ ما تيسّر من سيرةِ الغبار
فأَسْمَعُهُمْ يُكلّمونني :
-
 بأزاميل النّحاسِ حفرنا بيوتَنا وقبورَنا
من كروم الوادي صنعنا أوّلَ النّبيذ
ومن طينه صنعنا جرارَنا وأباريقَنا
تفضَّلْ ، 
خُذْ قدحاً من نبيذنا المُعتّق
واشربْ معنا حتّى يَحينَ اللّيل   

عيوبي
أعدّد للرّيحِ عيوبي
وحين أتعبُ تلهثُ الريحُ :
عيوبك مثل النجوم لا تُعدّ
فالتفِتْ إلى مآثركَ الصغيرةِ
وصُنْها من سَكْرَةِ الكلام
قد تلتقطها العصافيرُ الصَخّابةُ
العصافير التي تتدحرج خلفك
لتشيعَ في الحقول أنك نبيٌّ
وأنها تتبعك إلى آخر الضوء
وأن الضوء على الأرض بعض ظلّك
ستصيح في كائنات الشقوق لتتبعك
فتصيء العقاربُ باسمك المنزّه المقدّس
تفحّ الأفاعي بألقابك السماويّة
حتى تصدّق أنّ نعلك حرزُ المؤمنين
وأنّ لعابَك إكسيرُ الخلود
وحتماً ستنسى كما ينسى الميّت أيّامه
عيوبَك التي كانت تصونك من العيوب.

 حائط أخير للطيّبين
نحن - الطيبين - أردنا أن نكون طيبين أكثر
قلنا : لنبتسم من ثنايا جراحنا ،
لنحمل لهم الورود ، لا يأساً ولا هوانا
ولكن لكي يكونوا طيّبين مثلنا ،
فلعلهم يرون غبار هذه الدروب على أقدامنا ،
لعلهم ينتبهون إلى ما سرقوه من غبارنا
لعلهم يخجلون من اختزالنا ،
ولعلّهم يبادلوننا الورود بالورود
قلنا كلاما كثيراً عن حقنا في الماء والهواء والتراب،
فعادوا لاختزالنا : لكم النار وحدها !
لكم النارُ وحدها !
حسناً إذن !
- قلنا قابضين على الورود -
حسناً إذن !
سنكون أيضا، كما نريد،
أبناء مخلصين لهذه النار !

لم أقصدْ
فاجأتُهُما في السّيل
لم أقصدْ إزهاقَ العناقِ
ولا إفزاعَ القُبُلاتِ كسِرْبِ عصافير
وددتُ لو نادَيْتُهما : ارْجِعا
ارجعا، فلا بارودةٌ في قلبي
ولا رصاصٌ في عينيَّ
ارجعا، فأنا بصيرٌ أعمى
أمرُّ ، ولا أرى 
لكنهما انْشَطرا شمالاً وجنوبا
وأبْقَياني واقفاً مع صليلِ الحصى
فلَمْ أُسامِحْ ظلّي
ولم أغفِرْ لخطُواتي الطائشة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أطفال الجنة .. حذاء صغير وقلوب كبيرة

أربع نساء يبحثن عن الحب

11 طريقة تعرف بها أن شريك حياتك يحبك