لماذا نخجل من مشاعرنا؟

في مجتمعاتنا العربية يوجد مأزق حقيقي في التواصل بين الرجل والمرأة، فمنذ الصغر نتربى بطريقة لا تسمح لنا بأن نكون أنفسنا أو أن ندافع عن قناعتنا أو مكتسباتنا، خصوصا المرأة .. ففي الجانب العاطفي، تخشى الفتاة أن تصارح الشاب بحقيقة مشاعرها تجاهه حتى لا تسقط من نظره أو يعاملها وكأنها تحاول إيقاعه في شراكها، كما أنها تعمل ألف حساب لحياتها معه فيما بعد إذا تزوجا.. كل ذلك نتيجة لمجتمع ذكوري منح الرجل حق المبادرة  والاعتراف بحبه، بل أحيانا الدفاع عنه والإصرار عليه دون أن ينظر إليه نظرة سلبية، وقليلات من يملكن شجاعة مماثلة، فالمرأة غالبا ما تقف موقفا سلبيا من عواطفها وتؤثر الكتمان والمعاناة الصامتة أو الانصياع لآخرين يملكون القرار النهائي نيابة عنها.
أما بعد !
أما بعد الزواج، فربما تنعكس الحالة حيث نجد المرأة غالبا ما تبادر إلى التقرب من زوجها والتودد إليه وكسب عطفه واستمالة قلبه، في حين أغلب الرجال لا يفضلون البوح بحبهم لزوجاتهم ويكتفون بالتعبير عن عواطفهم بوسائل أخرى يرونها أكثر أهمية، ربما لأنهم يعتقدون أن ذلك يظهرهم بمظهر الضعفاء أو الواقعين تحت سيطرة الزوجة .. وكأن التعبير عن الحب وسيلة يكسب بها الرجل المرأة في البداية، وتظل هي تعلن عن هذا الحب وتجذبه مقابل صمت الأزواج وخرسهم العاطفي بعد الزواج!
عدم القدرة على التعبير عن مشاعرنا يرجع إلى جوانب عدة، منها:

·      التنشئة الخاطئة التي تربط بين التعبير عن انفعالاتنا وبين الضعف، فكلما كنا جامدين ونتسم بالصلابة العاطفية كلما كنا أقوياء ونمتلك هيبة ووقاراً. 

·      الإهمال العاطفي من قبلِ الآباء، حيث لا يعبرون عن حبهم ومشاعرهم لأبنائهم ولا يسمحون لأبنائهم بالتعبير عن انفعالاتهم وقبول ذلك بالرضا والحنان، وبالتالي يعتاد الأولاد على هذا الجفاء وكتمان المشاعر، ويصبحون مستقبلا أكثر خجلا من عواطفهم ويستنكرون أن يطلب منهم أحد ذلك أو يتورطون في مواقف تجبرهم على الاستجابة العاطفية المباشرة.

·      من الممكن أن يصبح الشخص شرها عاطفيا، فيطلب دائما من الآخرين أن يعبروا عن حبهم له، بينما لا يلقي بالاً لاحتياجاتهم منه، لأن حرمانه المبكر من الإشباع العاطفي يجعله مثل الأرض العطشى التي لا ترتوي أبدا، ليس لديه ما يمنحه للآخر، أو لا يفكر في ذلك.
حتى لا نخسر مرتين!

# إن محاولة التغيير في سلوك معين، يتطلب تطورا ثقافيا واجتماعيا على مستوى الفرد أولا ثم المجتمع، أي تغيير نمط التفكير والمنظومة المعرفية للشخص، وهذا لا يحدث في يوم وليلة إنما يحتاج إلى جهد ووقت لاستبدال الأفكار المغلوطة بأخرى منظمة ومنطقية تجعل صاحبها يفلت من التشويش والارتباك التي يصيبه في كل موقف انفعالي أو عاطفي.

# من المهم أن ندرك أن المشاعر النبيلة لا تدعو للخجل ولا يحدها الكبرياء الوهمي، طالما كانت صادقة، ونحو أشخاص يستحقون، ولا ينقص من كرامتنا أو رجولتنا المبادرة بها والإعلان عنها بطريقة لائقة ومناسبة لطباع وسمات شخصية كل منا.

# أيهما أكثر قسوة، الخوف على صورتنا والانصياع لأفكار غير منطقية أم الخسارة التي لا تعوض أحيانا؟

# وطبعا حتى يكتسب الشخص هذه الشجاعة، لابد أن يقابلها تفهم وتقدير من الطرف الآخر ومراجعة النفس فيما يحمله من أفكار سلبية أو نظرة مشوهة تجاه من يعترف أو يبادر بمشاعره.


# أحيانا يقع بعض الرجال مثلا في ازدواج التفكير حين ينتظرون من الآخرين تقديرهم ومحبتهم والتقرب إليهم والاهتمام بهم، وفي الوقت نفسه لا يحتملوا أن تبادر المرأة بحبها أو تعلن عنه أولاً أو حتى تستجيب لهم ويعتبرونها "امرأة خفيفة" ولا تحسن التصرف! في حين أن التراث الديني والتاريخي مليء بنماذج نسائية مبادرة عاطفية وشجاعة. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أطفال الجنة .. حذاء صغير وقلوب كبيرة

أربع نساء يبحثن عن الحب

11 طريقة تعرف بها أن شريك حياتك يحبك