توفيق عبد الحميد: استقالتي واعتزالي لا علاقة لهما بموقف سياسي
هو عزيز المصري في (حديث الصباح والمساء).. د.رياض في (أين قلبي).. د.شلبي في (أميرة في عابدين).. سعد عطاالله في (على نار هادية).. حسن عوف في (كفر عسكر).. عواد عبد المحسن في (كناريا).. رشاد غزال في (نافذة على العالم) وبهذا الدور خرج من عباءة الشاب الوسيم والرومانسي .. هو هذه الأدوار وغيرها التي حفرت لنفسها مكانة راسخة في ذاكرة المصريين.. الفنان توفيق عبد الحميد.
بعد غياب طويل ظهر لجمهوره العاشق له، أثناء تكريمه في افتتاح الدورة الـ12 لمهرجان المسرح القومي المصري. اتصلت لأبارك له، فكان هذا الحوار معه عبر الهاتف:
كنتَ متأثر جداً لدرجة البكاء أثناء تكريمك!
نعم. لأني لقيت رد فعل الناس غير عادي وغير متوقع، ورغم إني كنت بين فنانين كبار ومهمين، إلا أنه تحول من مجرد تشجيع إلى هتاف. والتكريم أكيد بيسعد أي إنسان.
هل حسيت إنه تكريم متأخر؟
أنا عايش بفكرة إن مافيش حاجة بتيجي متأخر، بتيجي وقت ما ربنا يأذن بيها. حتى لو حسيت ساعات إنها جات متأخرة، لكن دا ميعادها ومش مؤلم لي لأن عندي جانب صوفي على زهد فالحياة، وإلا ما كنت تركت المناصب والفلوس اللي بيسعى إليها الجميع، ولا ألومهم في ذلك لأنه حقهم.
بمناسبة المناصب، قرأت وسمعت كتير إنك استقلت احتجاجاً على قتل المتظاهرين بعد ثورة يناير .. صحيح؟
أنا غير مسئول عما يكتبه الآخرون على لساني، أنا استقلت بهدوء ومن غير طنطنة، والبعض بيحاول يدخلني في حروب ومعارك سواء بحسن نية أو سوء نية، أحيانا تكون المعارك دي قذرة وفيها اغتيال معنوي .. أنا مسئول فقط عن كلامي أنا، واللي يقول عني أي تصريح يجيب دليل عليه إني قلته فعلاً.. استقلت مرة قبل يناير من "البيت الفني" و"المسرح القومي" عندما كان فاروق حسني وزيرا للثقافة، واستقلت المرة الثانية بعد يناير من رئاسة الإنتاج الثقافي.
طيب ليه استقلت؟
طيب ليه استقلت؟
لا علاقة لذلك بأي موقف سياسي، إنما لعلاقته بحلمي اللي ماقدرتش أحققه وماقدرتش أعمل التطوير اللي كان نفسي أعمله. لما تحس إن المناخ سلبي ومش هاتقدر تكمل، فأكرملك إنك تمشي خصوصا لو أدركت إن الفشل حتمي. فمشيت لأني مش هاقدر أعمل اللي أنا عاوزه تجاه الوطن اللي اتربيت واتعلمت فيه وكل حياتي مرتبطة به، ولأني مش هاقدر أساعد الشباب الموهوب إنه ياخد فرصته ومايقعدش في عنق الزجاجة 20 سنة زي ما أنا قعدت.
هل بتختار الأدوار اللي بتلمس شخصيتك؟
ممكن تلمس جزء كبير أو صغير .. وعموما أنا في كل أعمال باحاول أختار كويس، ولما باختار دور بكون حبيته وحسيته وهاعمله بمزاج .. أنا ماشتغلتش كتير، يعني بنقي أدواري بعناية زي ما يكون شخص لا يملك ملابس كتير لكنها لايقة عليه ولما بيخرج بيها للناس بيكون حريص على أناقتها وتنسيق ألوانها.. مافيش دور أقدر أقول إن هو أنا بالظبط، لكن في حاجة معينة في الشخصية دي اتفقت أنا وهي عليها.
ليه اعتزلت؟
أنا مقتنع إن حياتك كممثل، مراحل. أول مرحلة بتكون عايز تاخد الشرعية في إنك فنان، مش بالشهادة بس ولا بإنك موظف كبير. الشرعية من الناس لأنك هاتحل ضيف على بيوتهم كأخ وزوج وابن.
والمرحلة اللي بعدها، عايز تاكل عيش يعني تاكل، تتعالج، تلبي احتياجاتك، ودا بيخضع لقناعاتك لأنك ممكن تكون عايز دا طول الوقت وممكن تقول "كدا مستورة" الحمد لله.
وبعد كدا، تيجي مرحلة "استمتع بالحياة".
فأنا في لحظة فقدت الدهشة ولقيت إنه هايكون خيانة للناس اللي حبتني وأنا اتعاملت معاها بصدق
كان ممكن تحاول تختار أعمال تناسب قناعاتك بدل الاعتزال!
أنا مش نحات أو رسام أو كاتب، أنا في مهنة جماعية من أول رأس المال.. لفريق العمل .. للإخراج، موضوع كبير يعني ومش سهل، لازم يكون في "هارموني" عشان أستمر.
هل ممكن ترجع للتمثيل تاني؟
ممكن لو لقيت دور يتوفر فيه كل اللي أتمناه
إنت شخص انفعالي؟
لا أعتقد. لأن جوايا رجل قانون فالأساس. لازم أستخدم عقلي وآخد فترة لقراية الموقف. وكمان الغوص في الأدب والقراية والفن والعالم السحري دا، عمل عندي قدر من الرومانسية والخيال والإنسانية.. يعني جوايا قلب وعقل .. لكن اللي بيغلب عليّ أكتر، القلب.
بتتصرف إزاي لما تغضب بشدة؟
ليه اخترت "كاجو" و "جوكة" يعيشوا معاك؟
ممكن أبقى عنيف ودي حالة مش باحب نفسي فيها.. أو أني أحسّ بجرح موجع ومؤذي، فأصمت وأدمع.. أو زي ما تكون حسب الحالة.
عشت تجارب حُب كتير؟
الحب شريعة الله فالأرض، اتخلقنا عشان نحب .. ممكن يحصل متأخر أو في غير وقته وظروفه، لكن بنعيشه. مريت بالحب زي ما غيري أكيد مر بيه، واللي أقدر أقوله إني لا أستطيع العيش دون حاجتين: الفن والحب.
مين أعز أصدقائك؟
هم الناس اللي أنا بالنسبة لهم أعز صديق
إنت اشتغلت مسرح وتليفزيون وسينما، أيهم أحب ليك؟
المسرح. لكن لو عيب المسرح إنه مش بيعمل إشباع جماهيري لأن عدد رواده قليل عكس السينما والتليفزيون. والناحية الاقتصادية فيه معدومة تقريبا.. المسرح هو حُبي الأول، يظل ويبقى فالذاكرة والوجدان ما حييت.. هو بدايتي اللي كانت بالصدفة وأنا في المرحلة الثانوية.. لعبة وقلبت بجد.. المسرح رغم عيوبه، إلا إنه ساحر في جانبين:
أولاً: رد الفعل في لحظتها مدهش، من جمهور المسافة بينك وبينه لاشيء، شايفينك مباشرة بكل حركاتك وجسمك وتعبيرات وجهك.. أيضا كممثل بتكون في حالة واحدة مستمرة من غير تقطيع أو إعادة تسجيل.
ثانياً: اللي بتسجله كممثل في السينما أو التليفزيون، بيفضل طول العمر ولا تقدر تحسنه أو تغيره لو اكتشفت تقصير معين أو عيب فالأداء .. إنما المسرح بيسمح لك بالإضافة والحذف، ويخليك تكتشف وتطور جزء كبيرة في الشخصية اللي بتقدمها للناس.
ليه اخترت "كاجو" و "جوكة" يعيشوا معاك؟
فيه 3 مخلوقات لهم مكانة في نفسي لما يمتلكوه من صفات: الكلب/ الحصان/الصقر.
ولو كان عندي بيت واسع، كنت هاقتني الثلاثة فعلا. فاخترت الكلاب لأنهم مش هايحتاجوا مكان كبير ولأن طبعا الكلب وفي، وكان هو تحديدا مع أهل الكهف لأنه بيعمل حماية من أي خطر.
لو هاتروح مكان بعيد ومسموح لك تاخد معاك شخصين بس، تاخد مين؟
مش عارف! بس هاخد اللي يكون توأم روحي عشان لا أحسّ بغربة ويكون بيعمل لي حالة اكتمال.